السلام عليكم‘ حكيت لكم سابقا عن الموعد الأول والثاني من مشواري مع الحماية الخاصة للحصول على الوثائق القانونية التي ستخول لي العيش والعمل قانونيا في إيطاليا‘ اليوم سأحكي لكم عن الموعد الثالث والذي كان بعد شهرين و بضعة أيام من الموعد الثاني.
جاء اليوم المنتظر‘ وذهبت الى المكان المحدد: اللجنة الإقليمية للاعتراف بالحماية الخاصة‘  كنا مجموعة من

الأشخاص‘ كل واحد منا ينتظر دوره‘ بعد مدة من الزمن سمعت أحدهم يناديني‘ اتجهت نحو مصدر الصوت وتم إدخالي إلى أحد المكاتب حيث وجدت أحد أفراد الشرطة رفقة أحد الشبان الذي كان يبدو جليا أنه عربي‘ والذي كان دوره ترجمة الحوار الذي سوف يدور بيني وبين الشرطي{ لأن هذه المرة لم يطلبوا مني مرافقة صديقي كما في المرة السابقة}‘ بدأ الشرطي في إلقاء بعض الأسئلة: إسمي الشخصي‘ إسمي العائلي‘ تاريخ و مكان الإزدياد‘ العنوان الذي أسكن فيه بإيطاليا‘ وما هي الأسباب التي جعلتني أختار إيطاليا كوجهة للعيش والعمل. في كل مرة كان الشاب العربي يقوم بترجمة الأسئلة و كذلك الأجوبة‘ في حين أن الشرطي كان ينصت بكل اهتمام لما كنت أقوله‘ كلاهما كان يتعامل معي بكل احترافية واحترام‘ لم أحس أبدا أني مهاجر سري‘ أو في موقف محرج‘ أو مخالف للقانون‘ ولكن تمت معاملتي على أساس أني كائن بشري يستحق كل التقدير والإحترام. أعطيته عقد العمل الذي كان بحوزتي{ لأن خلال مدة الإنتظار تمكنت من الحصول على عقد عمل في المطعم الذي كنت أشتغل فيه منذ وصولي إلى إيطاليا}‘ بعد أ ن أخذ كل المعلومات اللازمة‘ أعطاني الشرطي رقما هاتفيا قال أنه رقما أخضريمكنني الإتصال به لطلب المساعدة في حالة ما إذا كان رب العمل يقوم باستغلالي أوتعنيفي واحتقاري‘ في الأخير‘ سألني إن كانت بحوزتي وثائق أخرى تمكنني من تعزيز وضعيتي‘ ومساعدتي في هذه الحالة‘ مثلا: إن كنت أتابع دراسة اللغة الإيطالية في إحدى المدارس‘ إن كنت أقوم بإحدى الأعمال التطوعية‘ إن كنت أملك عقد كراء لمنزل ما.......أو أي وثيقة تبين وتعزز رغبتي في الإندماج في المجتمع الإيطالي‘ للأسف لم يكن بحوزتي سوى رسالة كتبتها بخط يدي أوضح فيها الأسباب التي جعلتني أتخلى عن عملي‘ وأبتعد عن أسرتي وأرغب في البقاء في إيطاليا‘ أعطيته الرسالة وأعطاني مجموعة من الوثائق من أجل إمضائها بعد التحقق من جميع المعلومات المكتوبة خاصة العنوان المكتوب في شهادة الضيافة لأن بعد15 يوما{ أو شهر على أقصى تقدير}سأتلقى قرار اللجنة  و من الضروري والمؤكد وصولها في هذه المدة‘ لأنه في حالة الرفض يجب تقديم الإستئناف  خلال مدة لا يجب أ تتجاوز 7 أيام‘ وإلا كل هذه الإجراءات سوف تذهب سدى‘ قمت بشكرهما‘ وذهبت في حال سبيلي راجيا من الله سبحانه وتعالى أن يوفقني في كل ما اقوم به أنا وكل من كان معي في ذلك اليوم.
بعد مرور 15 يوما‘ بدأت أراقب كل يوم صندوق البريد الموجود في مدخل العمارة التي أسكن بها‘لكن دون جدوى‘ في اليوم29 اتصلت بالمحامية التي نصحتني بالذهاب  وأخذ الرسالة التي تتضمن قرار اللجنة وألا أنتظر حتى تصل إلى المنزل حتى لا أخاطر بفقدانها أو إستلامها في وقت متأخر. وبالفعل‘ في اليوم الموالي‘ ذهبت لأخذ الجواب شخصيا‘ ومررت إلى المرحلة الموالية‘ وهي إعطاء جميع الوثائق التي حصلت عليها إلى المحامية حتى تتمكن من تقديم طلب الإستئناف بما أن الجواب كان يحمل الرفض‘ والسبب كما جاء في الرسالة هو أن بلدي الأصلي والذي هو المغرب يعتبر بلدا يمكن العيش فيه بكل حرية وكرامة‘ ولا يعتبر من البلدان التي لا تتمتع بالإستقرار الأمني‘ والتي يتعرض فيها المواطن للإضطهاد والقمع‘ ويحرم من حريته وكرامته‘ وما إلى ذلك من الأسباب التي يمكن النظر فيها لتعزيز ملف طلب الحماية الخاصة‘ وبالتالي ‘ بالنسبة للجنة  وفي حالتي لم تكن هناك مبررات ودوافع كافية ومقنعة  لقبول طلبي للحماية وبالتالي ا

للسماح لي بالبقاء في إيطاليا‘ لكن المحامية شرحت لي أن هذا الرد كان متوقعا‘ ولذلك وجب علينا تقديم طلب الإستئناف في المدة المحددة.
طلبت مني المحامية توقيع وكالة ثانية للقيام بما يجب القيام به‘ وكل هذا بدون مقابل لأنه كما وضحت لي: إذا كان  لطالب الحماية الخاصة  دخل سنوي يفوق:12800 أورو‘ يجب عليه دفع مبلغ 1000 أورو للمحامي‘ ولكن إذا كان لا يتجاوز هذا الإيراد فإن الدولة الإيطالية  هي التي تتكلف بدفع المصاريف و النفقات ‘ وبما أنني بدأت العمل منذ أسابيع مضت فقد تم إعفائي من دفع هذا المبلغ‘  ويتم إعفاء الشخص كذلك من الدفع في حالة ما إذا كان يتوفر على الإقامة{ريزيدانسا} وكان الدخل السنوي للأشخاص الذين يقطنون معه  أقل من12800 أورو. بعد ذلك طلبت مني المحامية الذهاب إلى أحد المكاتب الخاصة بشؤون المهاجرين من أجل تحديد موعد للذهاب إلى مديرية الشرطة بغية أخذ بصماتي وطلب ما يسمى بترخيص الإقامة الأصفر il permesso gialloوالذي يمكنني من البقاء في إيطاليا بصفة  قانونية ألى حين إصدار حكم اللجنة المقبل.
اليوم ذهبت إلى مكتب المهاجرين‘ وتمكنت من تحديد موعد للذهاب إلى مديرية الشرطة‘ وبعد كل هذه الإجراءات ‘ يمكنني القول أن إيطاليا فعلا بلد متقدم ومتطور‘ يحترم الإنسان حتى و لو كان مهاجرا سريا لا يتوفر على أية وثيقة‘ فمن بداية هذه التجربة إلى حد الأن‘ كان يتم التعامل معي بكل احترام وكرامة وإنسانية وتقدير‘كنت أتلقى المساعدة والنصائح من كل الذين قابلتهم في هذا المشوار.

No comments