السلام عليكم, في هذه الدنيا كثيرا ما نتعرض لبعض المواقف والأحداث التي يكون لها وقع على حياتنا إما بطريقة أيجابية او سلبية, وكثيرا ما نتعامل أو نتعرف على بعض الأشخاص الذين يتركون ذلك الاثر الذي لا نتمكن من نسيانه مهما مرت السنين, ومن حين لاخر نتذكرهم ونتذكر إما إنسانيتهم أو لا إنسانيتهم, و
أنا اليوم سوف أحكي لكم حكاية وقعت لي منذ أكثر من 30 سنة, حكاية كلما تذكرتها تذكرت 4 أشخاص, جمعني بهم القدر لمدة لا تتجاوز نصف ساعة في حادثة بقيت 

راسخة في ذاكرتي إلى يومنا هذا.
منذ أكثر من 30 سنة, كنت أعمل كمدرسة في إحدى المدارس الخاصة في أحد المناطق من المدينة التي كنت أسكن فيها, لكن المدرسة كانت بعيدة باعتبار أن المدينة كبيرة, لذلك كنت مضطرة لركوب الحافلة, وللسير مسافة لا بأس بها للوصول إلى المدرسة, وعند الإنتهاء من العمل, أسير نفس المسافة مع زميلاتي, ثم تذهب كل منهن إلى حال سبيلها, وأذهب أنا مسافة متوسطة لأصل إلى موقف الحافلة ولأتمكن من الوصول إلى بيتي.
في أحد الأيام, بعد الإنتهاء من العمل حيث كان الجو ممطرا, وكانت الشوارع شبه فارغة, خرجنا من المدرسة متجهات إلى منازلنا, وبعد أن افترقت عن باقي الزميلات, ولم يتبق إلا  بضع مترات لأصل إلى موقف الحافلات, ظهر أمامي أحد الشبان بطريقة مفاجئة, يبدو أنه كان مختبئا بأحد الأماكن في انتظار غنيمة ما, إتجه نحوي ومد يده ونزع بقوة  قلادة ذهبية كانت بعنقي, مددت يدي إلى عنقي بطريقة لا إرادية, لمحت متجرا قريبا, جريت نحوه, فتحت الباب ودخلت بسرعة وانا جد خائفة,  كانت صاحبة المتجر برفقة شخصين: رجل وامراة, نظرت ألي باستغراب, فبدات أشرح لها ما وقع لي, لم أكد أكمل حديثي حتى بدأنا نسمع بالخارج نفس الشاب وهو يصرخ ويطلب
 إخراجي لأنه يعرفني جيدا على حد قوله, لم يذهب إلى حال سبيله لأنه اكتشف أنه لم يتمكن من أخذ السلسلة التي بقيت عالقة بيدي حينما وضعتها على صدري لحماية نفسي , وأخذ التعليقة فقط التي كانت عالقة بها وعندما فطن إلى الأمر غضب غضبا شديدا وتبعني, بدأت ابكي وأتوسل إلى السيدة وأطلب منها اأا تثق به, طلبت مني أن أهدا وأن أبقى بضع دقائق حتى يمل ويذهب إلى حال سبيله, لكنه استمر بالصراخ وبالتهديد بالدخول وأخذي بالقوة لأنه كان يزعم أنه يعرفني حق المعرفة, وإذا بالسيدة التي كانت بالمتجر رفقة الرجل تتوجه بالحديث إلى صاحبة المتجر وبدأت تنصحها بإخراجي, قالت لها بالحرف{ لأني ما زلت أتذكر كلامها بالتفصيل}: يجب عليك إخراجها, فلا أحد يعرف ما بينهما, أخرجيها لكي لا تقعي في مشاكل أنت في غنى عنها, بدأت أبكي كطفلة صغيرة وأنا أقسم أنني لا أعرفه ولم يسبق لي رؤيته , وأنه حاول سرقتي وعندما لم ينجح في ذلك تبعني لأخذ السلسلة, ثم توجهت بالكلام ألى تلك السيدة وانا أوضح أنها مخطئة, وكان من الممكن أن تكون الضحية  بمجرد خروجها من المتجر, لكن القدر شاء أن أمر أنا قبلها, نظرت إلي صاحبة المتجر بكل إنسانية وطلبت مني أن أهدأ, بعدها خرجت وتكلمت مع الشاب  وطلبت منه الرحيل وإلا ستتصل بالشرطة  ثم دخلت, بعد بضع دقائق خرجت من جديد لترى ما إن كان قد ذهب أم لا, وفعلا لم تجده, فأخبرتني انني يمكن أن أذهب إلى  حال سبيلي, لكنني لم تكن لدي الشجاعة الكافية للخروج, فلربما يكون متربصا بي في أحد الأماكن القريبة, منتظرا خروجي للانتقام مني, لم يهدني تفكيري إلى حل للخروج من هذا المازق, كان واقفا, عاجزا عن التحليل, كل ما هداني إليه حينها هو عدم الخروج والبقاء هنا, لا أعلم كم من الوقت ولا كيف, لكني كنت أتمسك ببقائي في هذا المتجر وكأنه المكان الوحيد الامن في هذا العالم, اقتربت مني صاحبة المتجر وطمأنتني وأكدت  أنها لن تتركني لوحدي وستفعل ما بوسعها لمساعدتي, ربتت على كتفي, خرجت واتجهت نحو الباب المجاور للمتجر, رنت الجرس, وإذا بي أسمعها تتحدث مع شخص ما وتطلب منه المجئ و على ما يبدو كان أحد أقاربها, ربما أخوها أو زوجها, شرحت له ما كان يجري, وطلبت منه مصاحبتي والبقاء معي حتى قدوم الحافلة, والتأكد من أنني استقلتها بأمان, شكرتها كثيرا بعد أن طمانتني لعاشر مرة, أوصلني ذلك الشاب الشجاع وبقي معي في الانتظار إلى أن وصلت الحافلة وركبت, شكرته كثيرا من أعماق قلبي, ولم أكف أبدا عن الدعاء له بتيسير أموره وجزائه الجزاء الحسن هو وقريبته, وصلت إلى منزلي وأنا في حالة يرثى لها, حكيت لوالدي وإخوتي ما جرى لي , قاموا بمواساتي من طبيعة الحال وشكروا الله على سلامتي أما أنا فقد صليت ركعتين قبل خلودي إلى النوم تلك الليلة لأحمد الله سبحانه على سلامتي, لم نتخذ أي  اجراء قانوني ضده لأني لم أكن أتذكر ملامحه, وكنت أريد نسيان الموضوع برمته.واصلت الذهاب إلى العمل لكني لم أرتد قط الملابس التي كنت أرتديها يوم الواقعة, خوفا من أن ألتقي بذاك السارق ومن أن يتعرف علي, وعند نهاية العام الدراسي, بحثت عن عمل في مدرسة أخرى بعيدة , وحاولت نسيان الواقعة لكنني لم أنس أبدا السيدة وقريبها , أتذكرهم لحد الان وأتمنى لهم كل الخير أينما كانوا, وأينما حلوا وارتحلوا, كما أني أتذكر الشاب الذي حاول سرقتي والسيدة التي طالبت بإخراجي وأصدرت حكما علي رغم انها لا تعرفني, أتذكرهم وأتمنى أن يسامحهم الله ويغفر لهم.

No comments